تقرير حول حوار أُجري مع عامل متعاقد في عسلوية:

من المنزل حتى المهجع
من المصنع وصولاً إلى الاضراب

في غرف تبلغ مساحتها عشرة أو خمس عشرة متر كانت مخصصة لاستراحة عشرة أشخاص ومجهزة بمكيف هواء من نوع النافذة طراز ۱۹۰۰۰ خائر القوى كان صوته يشبه صوت القطار،

 

نوسنده:نثار
فيجعل النوم مضطرباً بين رائحة التعفن والعرق، كانوا يمضون حياتهم. وفي الوقت الراهن كانوا يغطون في النوم في تلك المهاجع الرطبة والحارة كثيراً متوقفين عن العمل.
كانت أوضاع العمال المتعاقدين سيئة للغاية، بيد أن مهاجع وطعام وشراب المهندسين والعمال المثبتين الرسميين كانت مختلفة.
يقول بابتسامة مريرة:
[جلسنا في المهجع وتوقفنا عن العمل في الورشة، ولم نذهب إلى المنزل لأنه لم يكن بحوزتنا مال! اضراب في المهجع]
نحن العمال المتعاقدين في مصفاة المرحلة الخامسة عشرة والسادسة عشرة، التحقنا بإضراب زملائنا في مختلف الأقسام والمراحل. فأوضاع العمل في طهران والمدن الأخرى سيئة، لم يكن لدينا عمل فجئنا إلى عسلوية ودهمتنا المشكلات.
[التوتر بات أمراً طبيعياً، فمنذ الساعة ۹ صباحاً يضوع من القيظ والرطوبة رائحة الموت، كانت مهنة زميلي في العمل «رش الطلاء»، أصيب عند الساعة الحادية عشرة قبل الظهيرة بضربة شمس (فرط الحرارة) وتسمم إثر استنشاق رائحة الطلاء. وذهب إلى المستشفى في سيارة إسعاف المهندسين ومات هناك].
ويقول بصوت أعلى قليلاً مصحوباً بحالة عصبية: أجل، لدينا مكيف، نعمد إلى تبليل كوفية بالماء.
يضحك ويردف... وقت الغداء نضعها على رؤوسنا لنحصل على بعض البرودة، طبعاً في الجو الرطب ليس ثمة تأثير يذكر لهذا الأمر.
كوفية تبتاعها بمالك وليس بمال المتعهد وتجلس في الشمس تأكل طعامك السيء.
المهندسين لديهم غرف مسبقة الصنع لكن نحن ليس لدينا.
نجلس في ظل الورش والمصانع، وقت الاستراحة يمتد من ساعة إلى ساعتين.
وعوض عشرين يوم عمل، نباشر بالعمل لمدة ۶۰ يوماً ونحصل على عشرة أيام استراحة! هذا يعني أننا يجب أن نحصل على راتبنا بحسب حجم العمل، ولكن مع العمل الإضافي ونفقة الذهاب والإياب تصل رواتبنا إلى "أربعة ونصف أو خمسة ملايين ونصف المليون تومان". فماذا بوسعنا أن نفعل بهذا المبلغ الزهيد؟
نحن عمال و"حكايتنا" مختلفة، فإذا كانت أيام العمل قليلة واستراحتنا أكثر، تنقص رواتبنا أكثر وأكثر. فالذهاب إلى المنزل بهذا المبلغ والاستراحة ليس لها أية قيمة، ويتعذر السفر بالطائرة أساساً، والسفر في الحافلة يستغرق يومين ذهاباً ويومين إياباً، فتجلس في المنزل ليومين فقط متعباً منهك القوى...
[يا للهول إنه كثير للغاية، السقوط من السقالة، التعرض لحروق شديدة، الانتحار... هنا يوجد جميع أنواع الموت، هؤلاء لا يكتبون تقارير عن موت العمال، لأن روح العامل غير مهمة]

...


يهتمون بالعمال المثبتين، من مخيمات مخدمة ومجهزة، رواتب عالية... لكن نحن ننحشر في غرفة واحدة ضيقة فيها مكيف هواء واحد تنبعث منها رائحة التعفن. جودة مياه الشرب بالنسبة للعامل عبارة عن وعاء بلاستيكي ليس واضحاً إذا تم تنقيتها أو لا، لكن مياه شربهم كلها مياه معدنية.
المطعم! يضحك ويقول: ليس لدينا مكان لنأكل فيه.
[نأكل هناك، ننام هناك، ونموت هناك، في المهجع ثمة عمال بعمر الستين حتى الثلاثين يقدمون على شنق أنفسهم بسبب عدم امتلاك المال وضغوط عملهم]!
مخيمات العمال في الحقيقة في حالة مزرية، لا يعطونك المتعهدين في الأساس شيئاً، أنا أعطي النظافة هنا من مائة علامة ناقص مائة، كل شيء هنا مهترئ وقديم وملوث. طعام العمال: نوعيته رديئة ورخيص وسيء.
ليس لدينا طبيب هنا، ثمة غرفة مجهزة بإمكانيات عادية للغاية ومسعف تنحصر مقدرته في إعطاء حقنة وليس ثمة أي تشخصي طبي.
[عندما جاء زميلنا الذي أصيب بضربة شمس ومات على إثرها، ليتم معاينته، لم يكن يجيد شيئاً، أصيب بالذعر، فأحضروا سيارة إسعاف مخيم المهندسين والمتعهدين وأخذوه إلى المستشفى ليموت من قلة الاهتمام وضعف الإمكانيات... لا يهتمون بالأموات ولا بالأحياء، حتى لا يحق لنا الجلوس في الغرف المسبقة الصنع التي فيها مكيفات، تلك الغرف المسبقة الصنع ليست للجميع، كل شيء يختلف عن البقية بالنسبة لنا نحن العمال المتعاقدين] ...
كأن كورونا لم يصل إلى هنا، عندما يمرض أحدهم، يرسلونه إلى المنزل على نفقته الخاصة ولا يقدمون له أية رعاية، لا أدوات صحية ولا وسائل وقاية وحماية.
[إذا مات أحدهم في المشروع! لا يتحمل المتعهد أية مسؤولية وحتى لا يدفع ديته لتساعد في نفقات عائلته، إلا إذا تقدمت بشكوى وغيرها... حتى تحصل حقك، وإذا لم يقدموا على فعل شيء سيء، يقومون بإرسال الجثمان إلى المنزل وذلك على نفقة العائلة... فمن يكترث لأمر العامل؟].
-لم أتقاضى منذ أربعة أشهر راتبي، وثمة زملاء في المصافي الأخرى لم يتقاضوا رواتبهم منذ ثمانية أشهر، ألا يسألون أنفسهم كيف بوسع عوائلنا أن تقتات وتشبع؟

[كل ثلاثة أو أربعة أشهر يدفعون الرواتب، على سبيل المثال نحن في شهر نوفمبر/تشرين الأول، يدفعون الآن رواتب الشهر الرابع، ثمة العديد من المتعهدين هكذا... فالعامل هنا ليس سوى عبد، وعندما نحتج يلقون بنا خارجاً، لا نتمتع بالأمن الوظيفي، في أي وقت أرادوا يعطونك عمل وحينما يرغبون يدفعونك إلى الاستقالة، المتعهد لا يريد سوى العمل، فليس ثمة فرق بين تركي وعربي وفارسي، نحن هنا نتصبب عرقاً، نموت من أجل ملك. والعنصرية منتشرة هنا إلى حد كبير... ولا يكلفون أحد يتحدث لغتهم بإنجاز الأعمال الشاقة... جاء مقر خاتم الأنبياء إلى هنا وتولى جميع المشاريع، يشغلون عمال مياومين أغلبهم من السنة والسيستانيين ثم بعد ذلك يركلونهم خارجاً. نحن لسنا بشر، فالتمييز والعنصرية متفشيان بين العمال المياومين].